الاثنين، 7 يونيو 2010

تعريفات العلم

يَحملُ تعريف العِلم (بكسر العين) في اللّغة العربية إختلافاً كبيرًا بين معان عديدة ومصادر مختلفة:
العِلم كمرادف للمعرفة، أي إدراك الشيء بحقيقته، و نقيضه الجهل. فيقال فلان على عِلْمٍ بالأمر أي يَعرفُه. وفي قول الله تعالى ﭽ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﭼ (النجم 35).
و تنسب المعرفة عادةً، في بعض السياقات، للإدراك الجزئي أو البسيط لا للمفاهيم الكّلية و المركبة فيقال عَرفتُ الله و لا يقال عَلمتُ الله. ([1]).
العِلم كمرادف أو كمرتبة لليقين و نقيض للشّك و الظن، ويظهر هذا المعنى في القرآن الكريم في العديد من الآيات مثل قوله تعالى: ﭽ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ (البقرة 144) و ﭽ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﭼ (التكاثر 6،5) و يقال اليقين هو بلوغ الإيمان في القلب لمرتبة العِلم والمعرفة التامة وتُنافي الشّك والريب عنها ([2])
العِلم و يُراد به في الحضارة الإسلامية العِلم الشرعي إقتصارًا دون العِلم الدُنيوي ([3]) ([4])
ويطلق لفظ العَالِم على الفقيه و المجتهد في الشريعة و أصول العقيدة الإسلامية، ويقول رسول الله e"إن العُلَماء ورَثةُ الأنبياَء، إن الأنبياَء لم يورثُوا درهمًا ولا دينارًا وإنما ورثُوا العِلمَ فمَن أخذه أخذ بحظٍ وافرٍ" (أخرجه أبو داود). وقد جاء فضل العِلم والثّناء على أهله في الكثير من سور القرآن الكريم، مثل قوله تعالى " " ﭽ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﭼ (المجادلة 11) و "قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَاب" (الزمر 11). و كذلك في الأحديث النبوية التي تحض على طلب العلم والعمل به و تبليغه، ومنها عن أبي أمامة رضي الله عنه حين قال: سمعت رسول الله eيقول"فَضلُ العَالِم على العَابِد كفضلِي على أدناكُم" ثم قال e"إن اللَّه وملائكتهُ وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جُحرها وحتى الحوت لَيصلُون على مُعَلِمي النّاس الخير" (أخرجه أبو داود) ([5]). و ينقسم العِلم الشرعي على قسمين: اﻷول فرض عين، أي ما يلزم المسلم معرفته عن أمور دينه مثل أحكام الحلال و الحرام، والثاني فرض كفاية، بحيث يكون واجبا على جمع من الأمة و يحصل بهم القيام بهذا الواجب ([6])
تبرز للعِلم معان كثيرة في القرآن الكريم، و يُراد به كل نظام معرفي، شرعيًا كان أو دنيويًا([7])، ينتج عن التأمل و التفكر و التعقل في الطبيعة و قوانينها و يدعو من خلال ذلك إلى الإيمان باللّه. ويتجلى ذلك في العَديد من الآيات ومنها قَولُه تعالى "أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﭼ (فاطر) ﭽ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﭼ (العنكبوت 20)...
العِلم، بتعريفه الحديث، يطلق في الآن نفسه على الطريقة التفكير العلمية (مشاهدة، فرضية، تجربة، صياغة) والمنظومة الفكرية التي تنتج عنها و تشتمل على مجموعة الفرضيات و النظريات و القوانين و الإكتشافات المتسقة و المتناسقة التي تصف الطبيعة و تسعى لبلوغ حقيقة الأشياء ([8]).
و للعلم ثلاثة تعريفات:
1. العلم هو المادة المعرفية: و هو التعريف التقليدي للعلم.
له عدة مساوئ منها: عدم القدرة على توظيف العلم في الحياة اليومية و الجمود، و يستخدم في طرق تدريسها التلقين.
2. العلم هو الطريقة التي تم التوصل بها للمواد المعرفية: وهي تناقش طرق العلم (يتضمن الطرق والأساليب والوسائل التي يتبعها العلماء في التوصل إلى نتائج العلم).
3. العلم هو عبارة عن المادة و الطريقة.
يتضمن العلم مكونات ثلاثة رئيسة وهي:
النتائج

الأخلاقيات

العمليات

([1]) المحيط (1993): تعريف العِلْمُ، قاموس صخر.
([2]) محمد بن أبي بكر الرازي (–660 هـ): مختار الصحاح، ذكر في مقالات و أبحاث أبناء الطريقة علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين من دار الإيمان.
([3]) يقول ابن خلدون في تصنيف العلوم: إعلم أن العلوم التي يخوض فيها البشر و يتداولونها في الأمصار تحصيلاً و تعليماً هي على صنفين: صنف طبيعي للإنسان يهتدي إليه بفكره، و صنف نقلي يأخذه عمن وضعه. و الأول هي العلوم الحكمية الفلسفية و هي التي يمكن أن يقف عليها الإنسان بطبيعة فكره و يهتدي بمداركه البشرية إلى موضوعاتها و مسائلها و أنحاء براهينها و وجوه تعليمها حتى يقفه نظره و يحثه على الصواب من الخطأ فيها من حيث هو إنسان ذو فكر. و الثاني هي العلوم النقلية الوضعية و هي كلها مستندة إلى الخبر عن الواضع الشرعي. و لا مجال فيها للعقل إلا في إلحاق الفروع من مسائلها بالأصول لأن الجزئيات الحادثة المتعاقبة لا تندرج تحت النقل الكلي بمجرد وضعه فتحتاج إلى الإلحاق بوجه قياسي. إلا أن هذا القياس يتفرع عن الخبر بثبوت الحكم في الأصل و هو نقلي فرجع هذا القياس إلى النقل لتفرعه عنه. و أصل هذه العلوم النقلية كلها هي الشرعيات من الكتاب و السنة التي هي مشروعة لنا من الله و رسوله و ما يتعلق بذلك من العلوم التي تهيئوها للإفادة. مقدمة بن خلدون (الجزء الخامس).
([4]) عبد الرحمان بن جبرين: عوائق تعلم العلم، على موقعه.
([5]) الأحاديث النبوية نقلت عن منصور بن إدريس البهوتي (-1051هـ): كشاف القناع عن متن الإقناع (مقدمة الكتاب)، على موقع الشبكة الإسلامية.
([6]) يقول ابن تيمية في كتابه الحسبة: وطلب العلم الشرعي فرض على الكفاية إلا فيما يتعين، مثل طلب كل واحد علم ما أمره اللّه به وما نهاه عنه، فإن فرض على الأعيان كما أخرجاه في الصحيحين عن النبي eأنه قال"من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين". وكل من أراد الله به خيراً، لابد أن يفقهه في الدين.
([7]) يوسف القرضاوي: ففي القرآن الكريم آيات أثنت على العلم وأهله، من حيث هو (علم)، أي معرفة تنكشف بها حقائق الأشياء، دون النظر إلى كونه علما دينيا أو دنيويا.في مفهوم العلم وتكوين العقلية العلمية في القرآن الكريم.
([8]) كارل بوبر (1959): ص.79–82 (مترجم).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق